(مكانة بيت المقدس وما حوله وفضائلها)

مكانة بيت المقدس وما حوله وفضائلها)

وردت في القران الكريم بعض الآيات الدالة على أهمية مدينة القدس ومكانتها في الإسلام منها
1- في سورة الإسراء: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من السجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا أنه هو السميع البصير".
2- "وآويناهم إلى ربوة ذات قرار معين" قيل بيت المقدس " من سورة المؤمنين آية 50.
3- "ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباكم فتنقلبوا خاسرين" من سورة المائدة (2).

.تمتعت مدينة القدس الشريف بعدة فضائل للمسلمين في كافة أرجاء العالم بوجه عام ولمسلمين بيت المقدسة وأكتافها من جهة أخرى نستطيع أن نجمل بعضها كالتالي:
1- المسجد الأقصى ثاني الحرمين الشريفين.
2- المسجد الأقصى أولي القبلتين لقول الله عزوجل في كتابه الحكيم:" قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنريك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ..."
3- الإسراء للمسجد الأقصى والعرج منه إلى السماء .
4- نزول النبوة بيت المقدس .
5- ثواب الصلاة في المسجد الأقصى : لقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) " صلاة في مسجدي خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الأقصى " .
6- حث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على شد الرحال للقدس لقول رسولنا الكريم " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا "
7- فضل الإهلال بالعمرة أو الحج من بيت المقدس : لقد أخرج الأمام أبن ماجه في سننه حيث الرسول :" من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له " .
8- الحث على السكن والرباط في بيت المقدس لحديث أبي الدر داء قال عليه الصلاة والسلام : " أهل الشام وأزواجهم وذرايتهم وعبيدهم وإماؤهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون في سبيل الله فمن احتل منها مدينة من المدائن فهو في رباط ومن احتل منها ثغراً من الثغور فهو في جهاد "
9- أرض المحشر والمنشر في بيت المقدس لحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) : " إنكم تحشرون إلى بيت المقدس ثم تجتمعون يوم القيامة " .
10- الملائكة تبسط أجنحتها على الشام
11- اجتماع الأنبياء في بيت المقدس . وذلك لأنه يوم الإسراء والمعراج صلى النبي بالأنبياء في بيت المقدس .
12- أرض فلسطين عقر دار الإسلام وقت المحن والفتن قال سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم ) : " ستخرج نار في آخر الزمان من حضر موت تحشر الناس قلنا : فماذا تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : عليكم بالشام " .
13- أهل الشام معيار الخير في الأمة لحديث الرسول : " إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم " .
14- بيت المقدس محرمة على الدجال .

جغرافية مدينة القدس :
الموقع :
مدينة القدس من المدن العربية المعروفة منذ أقدم عهود التاريخ ، حيث تقع مدينة القدس في دولة فلسطين في الجزء الشمالي الغربي من قارة آسيا ، " وترجع نشأتها إلي 5000 ق.م حيث عمرها الكنعانيون وأعطوها اسمها وفي 3000سنة ق.م سكنها العرب اليبوسيين وبنوا المدينة . و أطلقوا عليها اسم صادق . وقد وسع ملكي صادق المدينة وأطلق عليها اسم اورسالم أي مدينة السلام ".(1)
- كما أنها تقع علي خط طول 53 درجة و13 دقيقة شرقا ، وخط عرض 31 درجة و25دقيقة شمالا ترتفع عن سطح البحر نحو 750م .(2)
وترجع أهمية موقع القدس الجغرافي إلي انه يجمع بين ميزة الانغلاق وما يعطيها من حماسيه للمدينة ، وميزة الانفتاح وما يعطيها من إمكانية الاتصال بالمناطق والأقطار المجاورة.
- أما بالنسبة لمساحة مدينة القدس فقد بلغت حوالي 20790 دونماً . "قد عدد سكانها في عام 192م حوالي (28607) نسمة . وفي عام 1945م حوالي (60080) نسمة . وفي عام 1940م حوالي (69693)نسمة . وفي عام 1967حوالي (65000)نسمة . وفي عام 1987حوالي (130600)نسمة وفي عام1996حوالي (254387) نسمة" (3)

- كانت المنشأة الأولي والتي تمثل النواة الأساسية لمدينة القدس علي تلال الظهور المطلة علي قرية سالون إلي الجنوب الشرقي من المسجد الاقصي ، ووجدت ثلاثة أودية وفرتها المياه لسكان المدينة مثل : وادي الزبل من جهة الغرب ومياه ام الدرج ووادي الترون من جهة الشرق ووادي هنوم من الجهة الغربية. ومع مرور الزمن تغير موضع مدينة القدس، حيث وقعت علي تلال بيت الزيتون ومرتفع ساحة الحرم ومرتفع صهيون فيما يعرف بالقدس القديمة.

مناخ مدينة القدس :-
- تقع مدينة القدس ضمن إقليم البحر المتوسط وهو حار جاف صيفا دافئ ماطر شتاء . إذ تتأثر القدس بالعامل الطبغرافي ودرجة قربها وبعدها عن سطح البحر المتوسط . ويتراوح معدل الحرارة الشهري ما بين 9.7 في شهر كانون الثاني و25 في شهر آب . ويتراوح المتوسط الشهري للرطوبة النسبية في القدس ما بين 38% في شهر نيسان و 72% في شهر كانون الثاني .
-أما نسبة للأمطار فإن أكثر من نصف كمية الإمطار السنية تهطل خلال شهري كانون الثاني وشباط . ويتركز نحو 70% من الأمطار السنوية في فصل الشتاء وفي شهر(كانون أول – كانون ثاني – شباط ) .
ويتميز نظام هطول الأمطار علي القدس بعدم انتظامه نظرا لوقوعها بين جبلي نابلس وجبال الخليل في الجنوب ويتخللها بعض التلال المرتفعة .

النشاط البشري الاقتصادي في مدينة القدس :-
نظرا لوقوع مدينة القدس بين مجموعة من الجبال توجد عشرات التجمعات السكانية وحيث تتوفر عدة عوامل جغرافية طبيعية لإمكانية ممارسة النشاط الاقتصادي البشري مثل : الانحدار – توفر التربة الخصبة – الرطوبة المناسبة – وفرة المطار والمياه – اعتدال مناخها . ولذلك فرضت الأوضاع الطبيعية نمط الزراعة ونوع المزروعات في القرى التابعة لمدينة القدس ، كانت أمم أنواع المزروعات السائد ، وهي "( الأشجار لمثمرة : مثل شجر الزيتون – أشجار التين وأكرم العنب – وغيرها )".(1)
وخصصت مساحات من أراضي القرى لزراعة الخضرة المختلفة. إضافة إلي تركز معظم الزراعة علي مصاطب المنحدرات الجبلية وتنجح زراعة الأشجار المثمرة والحرجية والأودية ولمنخفضات تنمو فيها العديد من النباتات الطبيعية المجملة الطبيعية أرض بيت المقدس .
إضافة إلى الصناعات المختلفة التي برع المقدسيين في صناعتها وزخرفتها ونقشها والتي عملت على جذب أنظار السياح والسكان المحليين مثل صناعة الفخار والخزف والغزل والنسيج والصابون والزيتون وطحن الحبوب والأخشاب والصدف . حيث جلبت هذه الصناعات أرباح طائلة لتجار أهل المقدس والتي ساعدتها على التجارة العالمية من استيراد وتصدير وظلت كذلك حتى احتلت اليهود القدس ومارست تضييق الخناق على سكان بيت المقدس لمنعهم من تطوير مدينتهم . إذ أنها فرضت العديد من العراقيل أمامهم لخدمة اقتصاد إسرائيل على حساب العرب كافة .
- هذا وقد تنوعت الوظائف الإدارية والدينية على مر العصور لأهمية المدينة ومكانتها الدينية العريقة لهذا تعتبر القدس العاصمة الروحية والدينية والإدارية والسياسية لكل دولة وشعب يسيطر عليها . منهم من اتخذها سنجق من سناجق فلسطين ومنهم من قسمها إلى قضاء يضم العديد من القرى والمدن الفرعية ومنهم من جعلها إمارة دينية وسياسية وروحية . وعام 1917 سعى الصهاينة واليهود جاهدين من أجل إثبات ارتباط تاريخي وزمني مع تلك المدينة وجعلها العاصمة الروحية والدينية والسياسية لدولتهم المزعومة ( بإسرائيل ) .

مدينة القدس عبر التاريخ
اكتسبت مدينة القدس قداستها لوجود المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخري فهي مهبط الديانات السماوية الثلاث { اليهودية – المسيحية – الإسلامية } ولأهميتها الدينية مثلت المصدر الروحي ورمز لمطامع الغزاة والهجرات . إذا تتجلى أحداثها التاريخية بعدة محاور منها :-

أ‌) مسميات مدينة القدس عبر التاريخ :
مرت مدينة القدس عبر التاريخ بعدة أسماء حسب الأحداث التاريخية لتلك المدينة المقدسة منها :-
1- " أوروشالم " يعتبر أقدم اسم للمدينة وهي نسبة إلى الإله " شالم " أي إله السلام لدى الكنعانيين في القرنين التاسع عشر والثامن عشر قبل الميلاد وظهر أسماء ملوك أوشاليم في رسائل تل العمارنة و كما ظهر في التوراة أسماء أخرى للمدينة مثل { شاليم – مدينة السلام – مدينة الله – مدينة القدس – مدينة العدل – يبوس } " وقد ورد ذلك في الكتابات المصرية القديمة " (1)
2- أطلق اليبوسيين على مدينة القدس اسم " يبوس " وهم من بطون العرب الأوائل في الجزيرة العربية ، وإحدى القبائل الكنعانية التي هاجرت إلى فلسطين قبل حوالي 2500 ق.م. وأقاموا أهل يبوس حصن عرف فيما بعد باسم حسن صهيون أو جبل صهيون (2)
3- بعد استيلاء اليهود على القدس بقيادة سيدنا داوود عليه السلام ، اتخذ أورشليم عاصمة له . وازدهرت المدينة المقدسة في عهد خليفته سليمان عليه السلام عندما شيد الهيكل بمساعدة الفينيقيين .
4- ظل اسم مدينة أورشاليم يتداول في عهد الحكم الفارسي والمقدوني الذي قام باحتلال أورشاليم بقيادة تبطس في عام 70م وحرق الهيكل ثم قام الإمبراطور هدريانوس بتخريب أورشليم عام 135م وأسس مكانها مستعمرة عرفت باسم ( إيلياء كابيتولينا )
5- استمرت اسم إيلياء معروفاً حتى مجيء الفتح الإسلامي بدليل أنها وردت في العهدة العمرية الذي أعطاه الخليفة عمر بن الخطاب لسكان مدينة القدس من المسيحيين بعد فتحها اذ سماهم ( بأهل إيلياء ) عام 636م .

ب‌) مدينة القدس منذ القرن التاسع عشر ميلادي وحتى القرن العشرون :
حضت مدينة القدس باهتمام من سكانها ومن حكمها من الأقوام وذلك لأهميتها عبر العصور التاريخية
- وردت في الكتابات المصرية الفرعونية مع الملوك من الكنعانيين والتي تعرف بنصوص اللعنة في القرنيين التاسع والثامن عشر قبل الميلاد . وهي تسمية حكم الكنعانيين لتلك المدينة والتي أسموها بأورشاليم .
- كما وردت في الكتابات المصرية القديمة بحوالي 2500 ق.م باسم يبوس (ياثبي) وهو تعريف للاسم الكنعاني (3) وتتابعت السيطرة لليهود بعد سيطرة سيدنا داوود عليه السلام عليها في عام 1004 ق.م .
- وقد ظهرت في رسائل إسلامية باللغة العربية تبين المعركة التي قامت بين داوود وجالوت .
- استمرت سيطرة اليهود على أورشاليم إلى أن جاء نبوخذ نصر عام 586 ق.م ودمر المدينة وسير اليهود إلى بابل في العراق . ومن بعد استولى الفرس عليها وسمع الملك قورس سنة 538 ق.م بعودة اليهود إلي مدينة القدس . وتأرجحت السيطرة في عهد الهذونيين ما بين السلوقيين والبطالمة منذ عام 332 ق.م . ونجح اليهود في تدعيم الخلاف بين الطرفين معلنين الثورة المكانية لنيل الاستقلال . ولكن الفوضى التي اجتاحت مدينة أورشاليم شجعت القائد الروماني (بومبي ) علي دخول اورشاليم في عام 63 ق . م . وعرفت المدينة عند ذلك باسم (إيلياء كابيتولينا ) . " ولما اعتنق الإمبراطور قسطنطين المسيحية أعاد إلي المدينة اسم أورشاليم وقامت والدته هيلانه ببناء الكنائس : مثل كنيسة القيامة بالقدس "(1)
- بعد دخول المسلمين بيت المقدس فاتحين وتسليم مفاتيح بيت المقدس له عام 636م ظلت المدينة تعرف باسم إيليا وبيت المقدس حتي عام 838م وعرفت باسم القدس لأول مرة في التاريخ .
والدليل علي سماحة المسلمين إحتفضوا بكنائس المسيحيين وبحرية أداء شعائرهم الدينية .
- لقد تميز عهد الأمويين والعباسيين بالانجازات الحضارية ولعمرانية في مدينة القدس لما لها من أهمية فأولوها اهتماما كبيراً .
- تتابع المسلمون في حكم المدينة المقدسة في عهد الطولونيين والإخشيديون والفاطميون والسلاجقة وقد
" أسس الفاطميين في عهد الحاكم دار علم في القدس لنشر الدعوة الفاطمية وأول مستشفي عام 1015م " (2) . ودب النزاع بين السلاجقة والفاطميين حيث أعادوا السلاجقة الخطبة في القدس للخليفة العباسي . ومنذ ذلك إلي حين استغل الصليبيين هذه الفرصة وضعف المسلمين معلنين حملاتهم الصليبية علي فلسطين وبخاصة مدينة القدس عام1099م، وعند دخولهم مدينة القدس أوحشوا في ارتكاب مذابح رهيبة لسكن المدينة ونهبوا ما كان في الصخرة من كنوز ووضعوا صليبا علي قبة الصخرة وحولوا القصي إلي قصر " لفرسان الداوية " وجعلوا القدس عاصمة لمملكتهم اللاتينية .
- في عام 1187م " استطاع صلاح الدين الأيوبي فتح بيت المقدس بعد معركة حطين الباسلة ودخل صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس 27 رجب (583هـ -1187م) "(4) . وتجلت رحمته في طريقة معاملته للأسري
- اتسم حكم الأيوبيين والمماليك بالتطور العمراني والحضاري لمدينة القدس من عام (1171-1517م) ومن ابرز الأمراء والسلاطين : الظاهر بيبرس " حيث شجع التقدم في العلم والعمران والإصلاحات العديدة في مجال الزراعة والري وتنظيم البريد وإنشاء الطرق والجسور والأبراج وتحصين المدن والمدارس "(5)
- تميز حكم العثمانيين في بدايته بالمنشآت الحضارية وانتشرت في القدس التكايا والزوايا ومؤسسات الصوفية . ولكن منذ القرن السابع عشر أخذت الخلافات المسيحية ببسط النفوذ علي الأماكن المقدسة والتغلغل الاستعماري من قبل بريطانيا يمد طريقه إلي احتلال القدس .وحانت الفرصة بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولي في عام 9/12/1917م دخلت الجيوش البريطانية فلسطين بحجة الانتداب عليها. وأسوأ ما قام به البريطانيون تسريب الهجرات اليهودية إلي فلسطين من خلال وعد بلفور المشئوم عام1917. مع العلم بان مساحة اليهود في بداية حكم بريطانيا لم يتجاوز 2% من مساحة المدينة المقدسة
-وفي ذلك الوقت استطاعت اليهود جاهدة ومستغلين حالة الضعف الفلسطيني ابتلاع اكبر قدر ممكن من مساحة مدينة القدس ، ومازالت ولم تزل تستولي علي أراضي المقدسيين بالطرق المشروعة وغير المشروعة وبناء المستوطنات الصهيونية عليها . حيث أعلنت سلطة الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1967م ضم القدس العربية إلي القدس الإسرائيلية المزعومة في مدينة موحدة بغية تهويد القدس لتكون عاصمة إسرائيل . وتعرضت القدس للعديد من الإجراءات العنصرية وكان أكثرها بروزا مصادرة الأراضي الفلسطينية . " فقد صادرت ما يزيد عن 23 ألف دونما من مجموع مساحة القدس الشريف البالغة 70الف دونما منذ عام 1967م وأقيم عليها ألف وحدة استيطانية لليهود ."(1) ونشطت هذه الممارسات حتي يومنا هذا وتحيط بالقدس حوالي عشرة أحياء سكنية وأكثر من 41 مستعمرة تشكل كتل استيطانية . هذا إضافة لتعرض المسجد الاقصي منذ عام 1967الي كثر من عشرين اعتداء تخلله تدمير وهدم وإحراق وحفر وإنشاء الأنفاق تحت المسجد الاقصي بحجة البحث عن الهيكل المزعوم . إضافة لاستفزازات الصلاة . وكذلك المذابح التي تمارس ضد الفلسطينيين العزل والمستمرة لتصبح شاهدة عيان علي الإرهاب الصهيوني الذي ليس له مثيل علي وجه الأرض